كلية العلوم الإسلامية تحقّق حاشية علمية نادرة تكشف أسرار التفسير والبلاغة
في أروقة كلية العلوم الإسلامية في الجامعة العراقية، جرت مناقشة علمية متميزة لرسالة ماجستير تقدّم بها الباحث علي محمد محمود، والموسومة :“حاشية ده ده عمر روشني ضياء الدين الآيديني (ت 892 هـ) على تفسير البيضاوي من الآية 162 من سورة البقرة إلى نهاية السورة”، وقد أُشرف على الرسالة من قبل الأستاذ الدكتور خالد إبراهيم مسلم.
سلّطت الرسالة الضوء على شخصية علمية بارزة في القرن التاسع الهجري، هو ده ده عمر روشني الآيديني، الذي كان له باعٌ طويل في علوم التفسير والنحو والبلاغة، إذ عُرف بمنهجه التحليلي وعمق نظره في معالجة النصوص، وقد تجلى ذلك بوضوح في حاشيته على تفسير الإمام البيضاوي، أحد أعمدة التفسير في التراث الإسلامي. وركّز الباحث على دراسة وتحقيق هذه الحاشية التي لم تُسبق بتحقيق أكاديمي شامل، حيث تناول فيها الآيديني مسائل نحوية وبلاغية دقيقة، وقدم استنباطات فقهية وأصولية تنمّ عن فقه لغوي وتفسيري واسع.
تكمن أهمية هذه الرسالة في أنها تعيد تسليط الضوء على تراث مغمور لكنه ثمين، يكشف عن عمق الفكر العلمي في ذلك العصر، ويفتح الباب أمام دراسات أوسع لمخطوطات مشابهة. كما تسعى إلى إبراز مكانة الآيديني بين علماء عصره، واستجلاء أثره العلمي الذي لم ينل حظه من التوثيق والبحث.
وقد جاءت هذه الرسالة لتجيب عن عدد من التساؤلات العلمية الجوهرية، منها: مدى تفرّد الحاشية في مضامينها، ومدى اعتمادها على مصادر تفسيرية أو لغوية متقدمة، وما إذا كانت تمثّل امتدادًا لتفسير البيضاوي أم تعقيبًا نقديًا عليه. كما ناقشت أبعادًا لغوية تتصل بمفردات القرآن الكريم، وطرائق استخدام البلاغة والنحو لفهم النصوص، واستجلاء دلالاتها التفسيرية.
وقد تألفت لجنة المناقشة من الأستاذ الدكتور أبو الفتوح عبدالقادر شاكر رئيسًا، وعضوية كل من الأستاذ الدكتور علي شكر داود، والأستاذ المساعد الدكتور مها طالب عبدالله، إلى جانب الأستاذ الدكتور خالد إبراهيم مسلم مشرفًا وعضوًا. وأشادت اللجنة بالجهد العلمي المبذول، وأوصت بإتاحة الرسالة في المكتبات الأكاديمية لما لها من قيمة علمية ومعرفية.
جاءت هذه الرسالة تتويجًا لمسيرة علمية جادة، وسعيًا للربط بين التراث العلمي الثري والبحث الأكاديمي المعاصر، في خطوة تؤكد أن كنوز المكتبات المخطوطة لا تزال تحمل الكثير من المفاجآت العلمية الجديرة بالبحث والاهتمام.
