c1

مقال بقلم ✍ . أ.د صلاح الدين محمد النعيمي

الاصل في الحياة الزوجية الاحترام المتبادل بين الزوج وزوجته
وعليهما ان يرفعا شعار المودة
والرحمة والسكن.. … كما قال تعالى
﴿ وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ )
وقد مدح رسول الله ﷺ‬⁩ الزوج الكريم …فقال: (….ما أكرمهن إلا كريم، وما أهانهن إلا لئيم)
ومدح الزوجة فقال
( إذا صلت المرأة خمسها وصامت شهرها وحفظت فرجها وأطاعت زوجها دخلت جنة ربها)
ثم جعل ﷺ‬⁩ كمال ايمان الازواج بالتلطف مع زوجاتهم.. فقال:
(أكمل المؤمنين إيماناً، وأقربهم مني مجلساً، ألطفهم بأهـله).
لكن ….
الذي نراه ونسمعه ونشاهده اليوم غير ذلك … بل على العكس نجد التجاوز على الزوجة ونجد الشتم والطعن والاستهزاء والإهانة والضرب واساءة الادب ورفع الصوت بطريقة السخرية ونحو ذلك نجده عند الكثير من الازواج اليوم وكأن الزوجة جارية لديه
– مرة دخل الى المسجد احد الرجال وكان فلاحا فسأل اين الشيخ
قلت له تفضل:
فقال طلقت مرتي واريد اراجعها
فقلت له لماذا وكيف حصل الطلاق
فقال خرجت مبكرا الى علوة المخضر
ولما عدت وجدت البقرة غركانة بالبركة في المزرعة فأخذت الصوندة وضربت بها زوجتي لتقصيرها
قلت له : سبحان الله تضرب انسانة قد كرمها الله من أجل بقرة ما هذه العقول المتحجرة..
– واول امس كنت جالسا في الكلية فذكر لي احد الاساتذة الكرام قال في منطقتنا يقول الرجل باخذ زوجته مع بناتها ويوصلهم الى مزرعته
من بعد صلاة الفجر الى ما بعد الظهر
ويذهب هو يجلس مع جماعته ياكل ويشرب ويلهوا.. وهن يقمن بالعمل في المزرعة ويجمعن المحصول ويبعنه ثم ياتي الزوج ليأخذ الاموال
قلت: (اين استوصوا بالنساء خيرا )
– والآخر قال لي طلب مني صديقي أن اذهب معه للإصلاح بينه وبين زوجته
قلت له حاضر لكن ليش زعلان معاها
قال حدث شجار بيننا وزعلت وذهبت الى أهلها
قلت له سهلة نذهب فذهبنا واستقبلنا والدها خير استقال اذ كان يعرف اني امام وخطيب جامع المنطقة
قال الوالد شيخنا جيتك عزيزة علينا
لكن اعذرني لا اردها
قلت لماذا ؟
قال: ثق ضاربها بالبوري
يقول: فالتفت اليه وقلت له صدك ضاربها بالبوري
فقال: نعم زعلتني
فقلت: والله ماتستاهل واحد ينطيك مرة كوم.. وانا اعتذر لوالدها واقول له لاتردها فالذي لا يحترم المراة التي اهديتها له بعد سنين من التعب والإرهاق والتربية لا يستحقها
تجي انت تضربها بالبوري لا وفقك الله
– والاخرى اشتكت لي من زوجها تقول كأنه مصاب بالازدواجية والبخل فتراه يضحك ويمزح مع زملائه وزميلاته في الدوام وعندما يعود للبيت ينقلب وحشا يضرب الاطفال بشدة ويقول اولادي انا اعرف كيف نربيهم
ويصرخ ويشتم بشتائم جديدة حديثة لم نسمع بها من قبل يعني لديه برنامج تحديث للشتائم
وفقط تتكلم معه يرفض اي اعتراض
والآخر بخيل على على بيته واولاده
فتره يصرف ويشتري بآلاف بل الملايين .. وعندما تطلب منه بعض المال لشراء احتياجات الأطفال فيقلب الدنيا ولا يقعدها حتى لا يعطي ما عليه من واجبات …… والخ
◾ التوجيه القرآني والنبوي…
الآيات التي ترشدنا لحسن معاملة الزوجة كثيرة … منها :
١. قال الله تعالى: «وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا» (النساء: 19). ومن المعاملة الحسنة: المحافظة على شعورها وتطييب خاطرها، قال ابن عباس رضي الله عنهما: إني أحب أن أتزين للمرأة، كما أحب أن تتزين لي، لأن الله ذكره بقوله: «وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ»
٢. قوله تعالى:
{وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [الروم: 21].
أمر الإسلام الزوج بإحسان عشرة زوجته، وأخبر سبحانه أن الحياة الزوجية مبناها على السكن والمودة والرحمة
وكذلك فإن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، جعل معيار الخيرية في الأزواج قائمًا على حسن معاملتهم لزوجاتهم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «خيرُكُم خيرُكُم لأهْلِهِ، وأنا خيرُكُم لأهْلِي» رواه الترمذي عن عائشة رضي الله عنها.
قال العلامة ابن باز رحمه الله تعالى
قال معاوية بن حيدة: قلت: يا رسول الله، ما حق زوجة أحدنا عليه؟ فقال عليه الصلاة والسلام: أن يطعمها إذا طعم، ويكسوها إذا اكتسى، ولا يضرب الوجه، ولا يقبح، ولا يهجر إلا في البيت. وبعض الناس يأخذه الكرم والسخاء مع الأصدقاء وينسى حق الزوجة، مع أن المرء يؤجر على إنفاقه في بيته أعظم من غيره، قال رسول الله: «دينار أنفقته في سبيل الله، ودينار أنفقته في رقبة، ودينار تصدقت به على مسكين، ودينار أنفقته على أهلك، أعظمها أجرًا للذي أنفقته على أهلك». ومن المحافظة على شعورها وإكرامها، مناداتها بأحب الأسماء إليها، وإلقاء السلام عليها حين دخول المنزل، والتودد إليها بالهدية والكلمة الطيبة. ومن حسن الخلق وطيب العشرة عدم تصيد أخطائها ومتابعة زلاتها، بل العفو والصفح والتغاضي خاصة في أمور تجتهد فيها وقد لا توفق. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ وَأَنَا خَيْرُكُمْ لأَهْلِي». وقال: «أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً وخياركم خياركم لنسائهم».
(للمزيد انظر صفحة القبس)
وقد حض الشرع على الرفق في معالجة الأخطاء، ودعا النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى الرفق في الأمر كله، فقال: «إِنَّ الرِّفْقَ لَا يَكُونُ فِي شَيْءٍ إِلَّا زَانَهُ، وَلَا يُنْزَعُ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا شَانَهُ» رواه مسلم من حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها.
حتى ان النبي صلى الله عليه وسلم لم يضرب أحدًا من زوجاته أبدًا، فعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: «مَا ضَرَبَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا قَطُّ بِيَدِهِ، وَلَا امْرَأَةً، وَلَا خَادِمًا، إِلَّا أَنْ يُجَاهِدَ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَمَا نِيلَ مِنْهُ شَيْءٌ قَطُّ، فَيَنْتَقِمَ مِنْ صَاحِبِهِ، إِلَّا أَنْ يُنْتَهَكَ شَيْءٌ مِنْ مَحَارِمِ اللهِ، فَيَنْتَقِمَ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ» أخرجه مسلم، والنبي صلى الله عليه وآله وسلم هو الأسوة الحسنة الذي يجب على الأزواج أن يقتدوا بسيرته الكريمة العطرة في معاملة زوجاتهم، كما قال تعالى:
{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيرًا} [الأحزاب: 21].
ولفتت إلى أنه جاء في «ميثاق الأسرة في الإسلام» الذي أصدرته اللجنة الإسلامية العالمية للمرأة والطفل وأعدته لجنة من كبار العلماء في العالم الإسلامي منهم مفتي الديار المصرية: «لا يجوز -مهما بلغت درجة الخلاف بين الزوجين- اللجوء إلى استعمال العنف تجاوزًا للضوابط الشرعية المقررة، ومن يخالف هذا المنع يكون مسؤولا مدنيًّا وجنائيًّا».
وعلى المراة ايضا ما مر وكذلك :
لا يجوز للمرأة أن ترفع صوتها على زوجها، وينبغي حل هذا المشكلة بالحكمة واللين والمعروف، ولا يجوز للزوج التعدي على الزوجة بالضرب أو الإهانة، فالضرب جريمة يعاقب عليها القانون والشرع، فلا يجوز للزوج ضرب زوجته ضربًا مبرحًا أو إهانتها، وعليه مراعاة أن العشرة بينهما إنما تكون بالمعروف، والقانون يحظر عليه أن يضرب زوجته، وإلا فلها حق التقدم ضده بشكوى قضائية عقوبتها الحبس والغرامة، ويترتب عليها أن يكون لها حق طلب التطليق للضرر.
ومعلوم ان الإسلام هو دين الرحمة، ووصف الله تعالى حبيبه المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم بأنه رحمة للعالمين فقال: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} [الأنبياء: 107]،
وأكد الشرع على حق الضعيف في الرحمة به، وجعل المرأة أحد الضعيفين ؛ فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «اللَّهُمَّ إنِّي أُحَرِّجُ حَقَّ الضَّعِيفَينِ: اليَتِيم وَالمَرْأة» رواه النسائي وابن ماجه بإسناد جيد كما قال الإمام النووي في «رياض الصالحين
ومعلوم ان المرأة أحق بالرحمة من غيرها؛ لضعف بنيتها واحتياجها في كثير من الأحيان إلى من يقوم بشأنها؛ ولذلك شبَّه النبي صلى الله عليه وآله وسلم النساء بالزجاج في الرقة واللطافة وضعف البنية، فقال لأنجشة: «ويحكَ يا أَنْجَشَةُ، رُوَيْدَكَ بِالقَوَارِيرِ» رواه الشيخان
للمزيد..
(انظر صفحة لجنة الافتاء المصرية )
ومن الأحاديث الاخرى
هذا حديث صحيح رواه الشيخان في الصحيحين عن النبي ﷺ من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، قالﷺ : استوصوا بالنساء خيرا فإنهن خلقن من ضلع وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه فاستوصوا بالنساء خيراً انتهى هذا أمر للأزواج والآباء والإخوة وغيرهم أن يستوصوا بالنساء خيرًا، وأن يحسنوا إليهن وألا يظلموهن وأن يعطوهن حقوقهن ويوجهوهن إلى الخير، وهذا هو الواجب على الجميع
وقول النبي محمد صلى الله عليه وسلم:
(إنما النساء شقائق الرجال، ما أكرمهن إلا كريم، وما أهانهن إلا لئيم)

……………………………………….
والله تعالى أعلم بالصواب

1٬452 المشاهدات