مقال بعنوان الصحبة الصالحة بين طلاب الجامعات للمدرس المساعد يوسف عبد زيد الخطابي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
قال -تعالى-: (الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ). قال -تعالى-: (يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّـهَ وَكونوا مَعَ الصّادِقينَ).
قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (المَرْءُ على دِينِ خَليلِه، فَلْينظُرْ أحَدُكم مَن يُخالِلْ) قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (لا تصاحبْ إلا مؤمنًا، ولا يأكل طعامَك إلا تقيٌّ)
من الواجب المتحتم علينا هو أن يعرف كلا منا ما طبيعة وحدود العلاقة التي تكون بينه وبين زميله الطالب او الطالبة في الجامعة، جميعهم محترمون، ولكن المشكلة التي تعصف بالمجتمع الأكاديمي هي حين تقول لهم إن العلاقة بين الزملاء لها حدود فإنهم يستغربون ذلك بقوة ويقولون لك لماذا؟
فالعلاقة الأكاديمية في أصلها هي علاقة تبادل منافع ومعرفة علمية بحسب التخصص، والصحبة الصالحة هي أقرب طريق للنجاح والتفوق في جميع مجالات الحياة ومن ضمنها الجانب الاكاديمي؛ كون أنّ الصالحين يشجع أحدهم الاخر على الخير، ويعاونوا على البر والتقوى ويستدلوا على طريق التقدم والنجاح؛ لأنهم ينظرون لجميع بني جنسهم بنفس النظرة بلا فوارق فيعدونهم أعزاء عليهم، أحباء إليهم؛ فينصحون لهم، ينصحون لهم بما ينفعهم في الدين والدنيا وفي الحياة والآخرة، بما يضمن لهم السعادة والخير والفلاح في العاجلة والآجلة.
الصحبة الصالحة بين الطلاب في الجامعات هي من المؤثرات الأساسيّة في حياة الطلاب؛ كونها العامل الرئيس في تكوين الشخصية للطالب؛ لأنها مرحلة انفتاح الشاب ويمكنه ان يتصرف بما يحلو له بلا رقيب؛ لأنّ الأهل يعدونّه قد بلغ بدخوله الجامعة، ومن هنا تدخل الصحبة الصالحة في تكوين كيان الطالب وشخصيته، فتعمل على صياغتها في قَالَب حسن أو قبيح، وفي هذه المرحلة من مراحل النمو الجسدي والنضوج العقلي فيكتسبون من الصحبة بجميع أشكالها ما لا يكتسبونه في البيت أو المجتمع او المدارس الابتدائية او الثانوية؛ كون الإنسان قد جُبِلَ على محاكاة من يصحبه من الرفقاء والأصحاب سواء كانوا رفقاء صالحين أم سيئين فلا يفرق بينهما وذلك بسبب حبّ الظهور وجذب أنظار الآخرين إليه، وبلا شك أكثرهم تأثيراً هم الأقران، من هم يتقاربون في السلوك، والرغبات والهوايات، التي قد تغلغلت في قلوبهم وعقولهم وتمكنت منهم في دورب الصبا والطيش، وقبلها مراحل الطفولة، ومراحل الحياة البريئة.
فالصحبة الصالحة هي مَنٌّ ونعمة من الله تعالى، إنما يمنّ الله تعالى بها على من يشاء ويريد به الخير العظيم؛ وكثيراً ما أوعظ به العلماء والفقهاء هي الصحبة الصالحة ومرافقة الصالحين من عباد الله تبارك وتعالى؛ لأن من صاحبهم إنما يكون فيمن أخلص النية لله تبارك وتعالى، وخشي الله تعالى، وأناب إليه.
ومن هنا حثت الشريعة الإسلامية ومقاصدها على حسن اختيار الصديق والصاحب الصالح والابتعاد كل البعد عن الصاحب السيئ، قال تعالى :﴿ وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلا يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلانًا خَلِيلا لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلإنْسَانِ خَذُولا﴾ (الفرقان: 27-29) ولما تقدم في الحديث الشريف: (المرء على دين خليله؛ فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكم من يُخَالِلُ)، فالصحبة الصالحة ترتقي وتصل بالمرء إلى سعادة الدنيا والآخرة، بينما الصحبة السيئة تهوي بصاحبها إلى شقاء الدنيا والاخرة، وأن الخسران كل الخسران في الدنيا والآخرة هو من قبل الصحبة السيئة؛ وقد قيل في ذلك؛ قُلْ: من تُعَاشِر أقل لك: من أنتَ؟
ومن قبل ذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مثل الجليس الصالح والجليس السوء كمثل صاحب المسك وكير الحدّاد، لا يَعْدَمُك من صاحب المسك إما تشتريه أو تجد ريحه، وكيرُ الحَدَّاد يُحْرِق بدنَك أو ثوبَك أو تجد منه ريحًا خبيثة)
ومن أجل أن تعرف أنّ الصديق يجب أن يكون صالحاً فلابد ان تكون له صفات منها: الوفاء والمروءة والأمانة والصدق والكرم والشهامة والصدق في الأخوة؛ فهذه الصفات واجبة التوفر في الصاحب الصالح كونها جامعة مانعة ؛ ولأنَّ الصاحب كما يقال ساحب، فقرين الشيء منجذب إ ومن يتصف بهذه الصفات لابد ان إنسانًا بمعنى الكلمة وفي أسمى معانيها وأنبلها، وبالنتيجة فلن يعود على من يصاحبه بالفساد أو الضلال والشقاء وسيكون خير صاحب في الدنيا والاخرة.
قال الشاعر:
عاشر أخا الدين كي تحظى بصحبته …… فالطبع مكتسب من كل مصحوب
كالريح آخذة ما تمر بـــــــه ……………… نتناً من النتن او طيباً من الطيب
ولا تجلس الى اهل الدنايا .. فإن خــــــــــــــــــــــلائق السفاء تعــــــــــــــدي
ومما لا شك فيه أن الصحبة الصالحة هي أنجع علاج لجميع العباد وقاية لهم من السقوط في الحضيض، فان لم يجد العبد من يُعينه على الخير ويقومه وينصحه ويرشده فعليه أن يلجأ إلى كتاب الله تعالى فيجعله له خير صاحب وصديق، ويجهد نفسه في طلب العلم فهو خير أنيس والكتاب خير جليس، فالنفس امارة بالسوء فمن لم يشغلها بالخير شغلته هي بالشر والفساد والباطل.
ختاماً: أدعو الله تبارك وتعالى لي ولكم ولجميع أبنائنا الطلبة أن يرزقنا وإياهم الصحبة الصالحة الطيبة الصادقة مزينة بالوفاء معطرة بالحياء.
وآخر دعوانا ان الحمد الله رب العالمين والصلاة والصلام على النبي الرسول الصادق الأمين.
المدرس المساعد يوسف عبد زيد الخطابي
كلية العلوم الإسلامية/ قسم العلوم المالية والمصرفية الاسلامية
#شعبةالاعلام_والاتصال_الحكومي