مقال بعنوان الإيثار وأثره الإيجابي في المجتمع للأستاذ المساعد سعد حماد بديوي

الإيثار في اللغة: هو اسم مشتق من الفعل ( آثر ) ويعني التقدير والاختيار والاختصاص .
والإيثار اصطلاحا ً : أن يقدّم غيره على نفسه في النفع له ، والدفع عنه ، وهو النهاية في الاخوة .
ومفهوم الإيثار : هو خلق من أخلاق الإسلام العظيمة الجليلة، وهو مرتبة راقية من مراتب البذل والعطاء والكرم ، ومنزلة عظيمة من منازل السخاء ، وهو خلق عظيم يبعث على الموده والرحمه ويدل على الصفاء والنقاء ، فقد أثنى الله عزّ وجل على المتصفين به وبين أنهم المفلحون في الدنيا والآخرة ، فقال سبحانه وتعالى ( ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهمّ خصاصة ومن يوق شحّ نفسه فأولئك هم المفلحون ) . إنه الإيثار وما أدراك ما الإيثار . رحمة من الله عزّ وجل الكريم الغفار ، رحمة أسكنها الله في قلوب المؤمنين ، فبذلت وضّحت لوجه الله ربّ العالمين ، وقال تعالى ( لن تنالوا البرّ حتى تنفقوا مما تحبون وما تنفقوا من شيء فإن الله به عليم ) . يعني لن تنالوا وتدركواالبر الذي هو اسم جامع للخيرات وهو الطريق الموصل إلى الجنات حتى تنفقوا مما تحبون منّ آطيب أموالكم وأزكاها ، ومن الأدلة على محبة الله عز وجل ، وتقديم محبته على محبة الإموال ، التي جبلت النفوس على قوّة التعلق بها ، فالإيثار ذلك الخلق العظيم الذي يدلّ على صفاء النفس ونقائها من البخل والشحّ والأنانية ، فكان الرسول (صلى الله عليه وسلم )أكثر الناس أخلاقا ً وتواضعاً وأكثرهم إيثارا ً ، وكان يعرف المؤمنين معنى الإيثار ويحثهم عليه ، وهناك الكثير من الاحاديث النبوية الشريفة التي تدلّ على الإيثار منها . عن أبي موسى الأشعري قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وسلم) : ( إن الأشعريين إذا أرملوا في الغزو أو قل طعام عيالهم بالمدينة جمعوا ما كان عندهم في ثوب واحد ثم اقتسموه بينهم في إناء واحد بالسوية ، فهم مني وأنا منهم ) . وهذه شهادة من أعظم الخلق سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم ، أنّ الأشعريين كان عندهم إيثار .
أما عند السلف قال هيثم بن جميل : ذهب فضيل بن مرزوق وهو من الآمة الزاهدين إلى الحسن بن يحيى ، أخبره أن ليس عنده أي شيء فأعطاه الحسن ستة دراهم وقال له ليس عندي غيرهم ، فرد عليه فضيل سبحان الله ليس عندك غيرهم وتعطيهم لي ، فرجع ثلاثة دراهم إلى الحسن وأخذ ثلاثة ، هذا هو الإيثار فليس هناك أعظم من أن يقدم الإنسان غيره على نفسه ويراعي حاجة الناس من حوله ، ومن أهمّ فوائد الإيثار :
1 – من يجعل الإيثار أسلوباً في حياته ، يكون من المفلحين ويفوز بثناء الله عليه .
2 – من الطرق التي توصل إلى حبّ الله ورسوله ودليل على طاعته .
3 – تكون من تمام الإيمان عند الفرد .
4 – من يقوم بالإيثار يكون قد سار على سنة رسول الله عليه آفضل الصلاة وأتم التسليم .
5 – ينال في الدنيا حب الناس والسمعة الطيبة ويجعل ذكرك باقي بعد الموت .
6 – يجلب الخير والمنفعة للمجتمع ككل ، لأن الذي معه يعطي من ليس معه .
وفوائد الإيثار كثيرة لا تحصى ولا تعدّ، ذكرنا منها اليسير وفي الختام فإن الإيثار خلق عظيم لا يقدر على تطبيقه إلا كل ذي همة عظيمة وذو أخلاق طيبة نبيلة وذو نفس رفيعه تسموا فوق كلّ الدنايا والرذائل ، وليس أجمل من التحلي بهذا الخلق ليكون جميع أبناء المجتمع يداً واحدة متكاتفين متعاونين يشد بعضهم البعض ، وإذا ما وقع أحدهم في حاجة سارع الآخرون لمساعدته وسد حاجته ، وإذا جاع شخص مدت له عشرات الأيدي بالطعام لتقيه حرّج السؤآل ومذلته ، عند ذلك سوف تسمو النفوس وتنتشر المحبة بين الناس ، وتختفي الضغينة والرذيلة من المجتمع ، ويتحول المجتمع إلى منزل كبير يضم أسرة واحدة مثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى .
والحمد لله رب العالمين
الأستاذ المساعد سعد حماد بديوي استاذ في قسم التفسير الجامعة العراقية كلية العلوم الإسلامية.