مقالة بعنوان( فَنُّ الحَياةِ…. قِنينةُ الأوكِسجين تُجاورُ كُرسيّ الإرادِة في أَروُقةِ العِلمِ) للاستاذ الدكتورة هناء محمود التدريسية في قسم اللغة العربية
في أولِ أيام العَام الدِّراسيَ 10/9/2023، وفي إحدى المـُراقباتِ الامتحانيّةِ النهائيّةِ اِجتمعتْ سفينةُ الإنسانِ برحِلةِ العلمِ في رحلةٍ مُميّزةٍ داخلِ أسوارِ كُليتي الآداب.
تجسّدت الرُّوحُ الأكاديميّة في مشهدٍ أبهرني بِجمالهِ، وأثّر في عُمقِ وُجداني حينَ اتّحدت الإنسانيةُ بِالعلمِ في تناغمٍ مُلهِمٍ في ذلك الزَمانِ والمكانِ.
كانتْ أروُقةُ الكُليّةِ وجَناح قِسمِ اللُّغةِ العربيّةِ تَحتضنُ هذا المشهدَ بأمانةٍ وقُدسيةٍ .
وفي هذا اليومِ شَهِدتُ لحظةً لا تُنسى… اختزنتْهُ الذاكرةُ، وتداعت فيه خَطراتِ التأمّلِ والتفكيرِ….
مَشهدٌ ربُّما يمرُّ مُرور العابرينَ لدى الكثيرينَ مِنّا … يبدُو مُختلفًا هذه المرّة عمّا عَهِدناهُ …
فما اعتَدنا عليه الجُهودَ المتميزّة لِلكُليةِ في توفير كل سبُّل الراحة لِلطلبةِ من ماءٍ و قاعاتٍ دراسيّة ٍمُريحةٍ ومُكيّفةٍ ، وأدواتِ السلامةٍ الصِّحيّة منذ أزمة كورونا حتّى الآن.
لكنّك ترى قنينةَ غاز أوكسجينٍ، وكُرسيّ مُتحرّكٍ لِلحالاتِ الطارئةِ أحدُهما يبعثُ الحياةَ، وآخر يبعثُ الموتَ … مشهدٌ يُثيرُ الدّهشةَ والاستِغراب ، ويُذكرنا في عهودٍ خَلتْ كُنّا نطلبُ العلمَ فيها على أَضواء المصباحِ(الّلالَة).
كانتُ قنينةُ غازِ الأكسجين تقفُ شامِخةَ الجلالةِ، كأنّها تحمِلُ عَبقَ الحياةِ داخِلِها.
هذه القنينةُ، الحامِلةُ لِرمزيّةِ الحياةِ والأملِ والنُّورِ…
إنّها العبقريةُ كانت تقِفُ هُناك؛ لِتُجسّدَ رِسالةَ القُوة.
يُجاورُها على اليمينِ كُرسيّ مُتحرِّك.
وعلى الرَّغمِ مِن عَجزِهِ الظاهرِ، إلا أنّه كان يَروي قصةَ إرادةٍ لا تعرفُ الهزيمةَ، وإصرارٍ لا يَعرفُ الاستسلام.
إنّه الصّرحُ الصّامدِ في وجه الظُروفِ القاسيةِ.
في تلك اللحظةِ الفريدةِ شعرتُ بأنّ الإرادةَ البشريةَ قادرةٌ على تحقيق الـمُعجزاتِ وتجاوزِ كُل الصُعوباتِ.
كانتْ هذه اللحظةُ تذكيرًا لي، ولُكُلِ أبنائِنا الطلبةِ بأهمية الثباتِ والصُّمودِ في وجه التحدياتِ، والسّعي نحو تحقيق الأهدافِ، وبكل إصرارٍ وثَباتٍ.
لم يكُنْ هذا المشهدُ مُجردَ لمحةٍ عابرةٍ، بل كان درسًا حيًا لأبنائنا الطلبةِ في الاعترافِ بالفضلِ والجُهودِ المبذُولةِ من عَمادة الكُليةِ وأساتذِتها ومُوظفيها ومُعينيها، وتقديرَ اللحظاتِ الصغيرةِ التي تحملُ بينَ طياتها دُروسًا وعِبَرًا كبيرةً في الحياةِ، واعترافًا بالقيمةِ الحقيقيّةِ لِلدعمِ المعنويّ والإنسانيّ في بيئةِ العلمِ والتّعلمِ. قال الله تبارك وتعالى: (وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ).
إنّها قصةُ اِمتنانٍ واِحترامٍ تذوبُ فيها كلماتِ الشُّكرِ مع آياتِ التقديرِ كقطراتٍ نَديّةٍ على أوراقِ الخريفِ.